جنيف – صحفيون عرب من اجل المناخ – قبيل انعقاد الدورة الثامنة والسبعين لجمعية الصحة العالمية الأسبوع المقبل، دعت “التحالف العالمي من أجل المناخ والصحة” (GCHA) جميع الدول الأعضاء في منظمة الصحة العالمية البالغ عددها 194 دولة إلى تعزيز التعاون بين القطاعات في مجالي المناخ والصحة، وتنفيذ القرار الذي تم اعتماده العام الماضي بشأن تغيّر المناخ والصحة.
وقالت الدكتورة جيني ميلر، المديرة التنفيذية للتحالف: “مع إدراج ثلاث مناقشات رسمية تتعلق بتغير المناخ على جدول أعمال الأسبوع المقبل، يجب أن تضمن جمعية الصحة العالمية أن تدرك الحكومات وتستجيب للدور العميق الذي بات يلعبه تغير المناخ ومصدره الأساسي، الوقود الأحفوري، في تحديد نتائج الصحة العامة حول العالم”.
وبعد اعتماد الجمعية في العام الماضي لقرار بشأن تغيّر المناخ والصحة، من المتوقع أن تعتمد الجمعية خطة عمل عالمية لترجمة هذه الالتزامات إلى خطوات عملية. وخلال العام الماضي، أجرت منظمة الصحة العالمية مشاورات مع الدول الأعضاء، إضافة إلى الأكاديميين والمجتمعات المدنية ومنظمات المجتمع المدني.
من أبرز نقاط القوة في النسخة الأحدث من مسودة خطة العمل:
دعوة الدول الأعضاء إلى دمج الصحة في المساهمات المحددة وطنياً (NDCs) ضمن اتفاق باريس.
إدماج المناخ في الاستراتيجيات والسياسات والخطط الصحية الوطنية.
التركيز على تعظيم الفوائد الصحية المشتركة من إجراءات التخفيف والتكيّف في مختلف القطاعات الحكومية.
إشراك المجتمعات المحلية ومنظمات المجتمع المدني في تطوير وتنفيذ وتقييم استراتيجيات الصحة والمناخ.
لكن المسودة الحالية تغفل بشكل واضح التأثير الصحي المباشر للوقود الأحفوري.
وقالت روزي تاسكر، مسؤولة الاتصال بشأن الهواء النظيف في التحالف: “توفر الصحة أقوى حجة للانتقال السريع والعادل بعيداً عن الوقود الأحفوري، لكن غياب الإشارة إليه في وثائق استراتيجية عالمية مثل خطة العمل يمثل فرصة ضائعة لتسليط الضوء على هذه الروابط في سياسات الحكومات”.
وأضافت: “إذا لم يتم اتخاذ خطوات جدية للحد من تغير المناخ عبر تقليص استخدام الوقود الأحفوري، فإن تأثيراته الصحية ستتجاوز قدرة الأنظمة الصحية على الاستجابة. لذا، لا بد من دمج المناخ في صميم الاستراتيجيات الصحية الوطنية، وإدراج الصحة كمكون أساسي في المساهمات الوطنية، مع التركيز على الفئات الضعيفة مثل النساء والأطفال، وكبار السن، والمجتمعات اللاجئة والمهاجرة، والأشخاص ذوي الصحة النفسية المتدنية أو ذوي الإعاقة”.
وأردفت تاسكر: “الاعتراف بأن هذه الفئات هي الأكثر تضرراً، رغم غيابها في كثير من الأحيان عن الخطط الوطنية، سيكون محورياً لحماية مكتسبات الصحة التي تحققت على مدار العقود الماضية”.
وبالرغم من بعض أوجه القصور في خطة العمل، بما في ذلك إغفالها لتأثيرات الوقود الأحفوري، قالت الدكتورة ميلر: “ندعو إلى اعتماد الخطة، لأنها توفر إطاراً متكاملاً وشاملاً لمعالجة قضايا المناخ والصحة عبر القطاعات المختلفة، وتُعد أفضل فرصة لحماية صحة الإنسان والكوكب”.
مواضيع أخرى على جدول الأعمال
بالإضافة إلى خطة العمل العالمية، تتناول الجمعية بندين مهمين آخرين يتعلقان بالمناخ والصحة:
خارطة طريق منظمة الصحة العالمية بشأن آثار تلوث الهواء على الصحة، والتي تهدف إلى تقليل هذه الآثار بنسبة 50% بحلول عام 2040.
قرار بشأن صحة الرئة المتكاملة، يدعو إلى إدماج سياسات الهواء النظيف والتعليم الصحي في جهود مكافحة السل، ومرض الانسداد الرئوي المزمن، وسرطان الرئة، والربو.
ورغم أهمية خارطة الطريق وقرار صحة الرئة في معالجة تلوث الهواء، إلا أنهما أيضاً لم يتطرقا إلى الدور المحوري لحرق الوقود الأحفوري في تفاقم التلوث وتغير المناخ، مما يقوّض نهجاً متكاملاً كما تدعو إليه خطة العمل.
قالت تاسكر: “التحالف يرحب بخطة العمل، وخارطة الطريق، وقرار صحة الرئة، كأدوات سياسية وفنية مهمة، لكنه يؤكد على الحاجة الملحة لأن تعترف الدول الأعضاء صراحةً بدور الوقود الأحفوري في التسبب بأمراض الرئة وتلوث الهواء وأزمة المناخ. إن تجاهل هذا الرابط يعكس التحديات المتزايدة التي تواجه منظمة الصحة العالمية والمجتمع الصحي العالمي في الدفاع عن السياسات المبنية على الأدلة، في مواجهة الضغوط الاقتصادية والسياسية من قِبل الصناعات الكبرى”.
وختمت ميلر بالقول: “رغم أن المواضيع المطروحة تعد أعمالاً روتينية في أي دورة اعتيادية لجمعية الصحة العالمية، إلا أن هذا العام يشهد ظروفاً استثنائية بكل المقاييس”.
ففي أول أيام رئاسته، أعلن دونالد ترامب انسحاب الولايات المتحدة من منظمة الصحة العالمية ووقف تمويلها، بالإضافة إلى الانسحاب من اتفاق باريس ووقف الدعم المالي لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ، وتبع ذلك تقليص حاد في دور الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID)، ما أدى إلى توقف العديد من البرامج الصحية حول العالم.
وأضافت ميلر: “منذ تسلمه منصبه في يناير، تسببت قرارات إدارة ترامب بصدمة في المجتمع الصحي العالمي، وأسهمت في تقويض الجهود المبذولة لمواجهة تغيّر المناخ. لذلك، فإن وقف تراجع التقدم الذي أحرز على مدار عقود في مجالي الصحة العالمية والمناخ يتطلب من الحكومات في جمعية الصحة العالمية مضاعفة التزامها بحماية صحة ورفاهية شعوبها. يجب على جميع الحكومات المؤمنة بهذا المسار أن تتحد لحماية صحة سكان الأرض”.