البرازيل – صحفيون عرب من اجل المناخ – قبل أسابيع من انعقاد قمة المناخ العالمية COP30 في البرازيل الشهر المقبل، صدر اليوم فيلم قصير ساخر بعنوان “الخطة المحكمة” (The Well-Oiled Plan)، يندد بدور صناعة العلاقات العامة في التغطية على الأضرار الصحية الناجمة عن استخراج واستخدام الوقود الأحفوري، من خلال حملات التضليل الإعلامي الممنهجة.
الفيلم الذي أخرجه دانيال بيرد وآدم ليفي في استوديو Wit & Wisdom، وبالتعاون مع التحالف العالمي للمناخ والصحة (GCHA)، يعرض حوارًا ساخرًا بين مدير علاقات عامة يُدعى “توني” وعميله، الرئيس التنفيذي لشركة “غرنت أويل”، كاشفًا كيف استعارت شركات الوقود الأحفوري أساليب الدعاية من شركات التبغ الكبرى — عبر “بيع السمّ تحت شعار الحرية”.
الفيلم القصير الذي تبلغ مدته دقيقتين و38 ثانية، ويجمع بين الطابع الكوميدي والرسوم المتحركة، يضمّ الممثلين الكوميديين مايكل سبايسر وكودي داهلر، إلى جانب سينياد فيلبس وجايلا مور روس، ويتناول مشاهد مقتبسة من الفيلم الكوميدي قيد التطوير “بصمتي الصغيرة” (My Pet Footprint)، الذي يتعاون فيه صانعوه مع منظمة غرينبيس.
وقالت شويتا نارايان، قائدة الحملات في التحالف العالمي للمناخ والصحة:
“الوقود الأحفوري يجعل الناس مرضى — والشركات التي تقف وراءه تنفق ملايين الدولارات على الدعاية والعلاقات العامة لإخفاء هذه الحقيقة.”
وأضافت نارايان: “على شركات العلاقات العامة أن تلتزم بعقود خالية من الوقود الأحفوري. لا يمكن للمؤسسات أن تزعم دعم الاستدامة وهي تساعد في تلميع صورة شركات الوقود الأحفوري أو تأخير السياسات المناخية. نحن ندعو إلى تبنّي سياسات شفافة، والكشف عن العملاء من هذه الشركات، وضمان ألا تعرقل أعمالهم التحول نحو طاقة نظيفة وصحية.”
وقال المخرج دانيال بيرد إن الفيلم يستكشف فكرة “الضمير القابل للإزالة”، مضيفًا: “قبل عقود، قررت صناعة الوقود الأحفوري أن تواصل أعمالها كالمعتاد مهما كان الثمن، حتى لو كان هذا الثمن هو فناء الحضارة نفسها.”
ويُعرف مايكل سبايسر بسلسلة الفيديوهات الساخرة “الرجل في الغرفة المجاورة”، بينما يجذب كودي داهلر جمهورًا واسعًا عبر مقاطع تنتقد التطورات السياسية اليومية.
ووفقًا لحركة Clean Creatives، التي تضم معلنين ومحترفي علاقات عامة يسعون لقطع العلاقات مع شركات الوقود الأحفوري، فإن أكبر 29 شركة وقود أحفوري في العالم تنفق 7 مليارات دولار سنويًا على الإعلانات والعلاقات العامة.
وقال دنكان مايزيل، المدير التنفيذي للحركة:
“يجب ألا تتعامل المؤسسات الصحية مع وكالات تقدم خدمات لشركات الوقود الأحفوري، لأن تلك الشركات مسؤولة عن أمراض ووفيات مبكرة في جميع أنحاء العالم. هناك تضارب واضح في المصالح عندما تروّج وكالة واحدة للفحم أو النفط، وفي الوقت ذاته تعمل مع مؤسسات للصحة العامة.”
منذ مايو الماضي، وقّعت 77 منظمة صحية على تعهّد “كسر النفوذ الأحفوري – اتصالات صحية خالية من الوقود الأحفوري”، الذي ينص على عدم التعاون مع وكالات الدعاية التي تقدم خدمات لشركات النفط أو الغاز.
ويأتي إصدار الفيلم بعد نشر تقرير التحالف العالمي للمناخ والصحة بعنوان “من المهد إلى اللحد: حصيلة الوقود الأحفوري على الصحة والحاجة إلى انتقال عادل”، وهو أول تقييم عالمي شامل لتأثيرات الوقود الأحفوري الصحية في جميع مراحل الإنتاج، من الاستخراج إلى النفايات، وعلى مدار حياة الإنسان.
كما انتقد التحالف في أغسطس الماضي استعانة رئاسة COP30 في البرازيل بشركة العلاقات العامة إيدلمان، التي تتولى إدارة الحساب العالمي لشركة شل، داعيًا الدول التي تطمح لاستضافة COP31 إلى التعهد بالابتعاد عن رعاية أو خدمات شركات الوقود الأحفوري.
وفي الأسابيع الأخيرة، دعت أكثر من 225 منظمة، من بينها التحالف العالمي للمناخ والصحة، الحكومة البرازيلية إلى منع نفوذ شركات الوقود الأحفوري في مؤتمر COP30.
واستجابة لتزايد الضغوط، أعلنت اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (UNFCCC) عن إجراءات جديدة لتعزيز الشفافية في المشاركة، وفق دليل المراقبين لمؤتمر COP30 الصادر في 15 سبتمبر، الذي نصّ على “زيادة الإفصاح حول الجهات المشاركة في صياغة وتوجيه الاستجابة العالمية لأزمة المناخ”.
وقالت جيني ميلر، المديرة التنفيذية للتحالف العالمي للمناخ والصحة:
“حان الوقت لأن ترسم الأمم المتحدة خطًا أحمر واضحًا: يجب منع وكالات العلاقات العامة أو الإعلان التي تعمل مع شركات الوقود الأحفوري من تشكيل الرواية الخاصة بالمناخ أو مؤتمرات COP.”
وأضافت ميلر: “بعد 30 عامًا من الجهود الدولية لمواجهة التغير المناخي، ما زالت المصالح الأحفورية تعرقل التقدم — نتيجة سنوات من العمل الممنهج الذي قادته شركات النفط بمساعدة وكالات العلاقات العامة لزرع الشك والتأثير في صانعي القرار وتلميع صورتها. لا يمكننا تحقيق أي نجاح في مؤتمرات المناخ ما دامت هذه الجهات تشارك في توجيه دفة النقاش.”
وختمت ميلر بالقول:
“زيادة الشفافية خطوة أولى مشجعة، لكن لوضع سياسات عادلة لحماية مستقبل الأجيال القادمة، يجب فرض ضوابط واضحة على نفوذ الملوثين — تمامًا كما واجهت المنظومة الصحية سابقًا شركات التبغ، حان الوقت اليوم للوقوف في وجه شركات النفط الكبرى.”

