بيت لحم – فلسطين – صحفيون عرب من اجل المناخ – أصدر مركز التعليم البيئي / الكنيسة الإنجيلية اللوثرية في الأردن والأراضي المقدسة ورقة حقائق لمناسبة اليوم العالمي لحماية التنوع الحيوي، المصادف سنويًا في 22 أيار.
وقالت الورقة إن شعار العام الحالي لهذا اليوم هو الانسجام مع الطبيعة والتنمية المستدامة، وأشارت إلى أن الأمم المتحدة قررت الاحتفال بهذا اليوم للتثقيف والتوعية العامة بالتنوع الحيوي، وللدعوة إلى حمايته واستشعار الأخطار التي تهدده.
وأكدت أن التنوع الحيوي (البيولوجي) يعني التنوع الواسع للنباتات والحيوانات والكائنات الحية الدقيقة، ويشمل أيضًا الاختلافات الجينية داخل كل نوع، وتنوع النظم البيئية (البحيرات والغابات والصحاري والمناظر الطبيعية الزراعية) التي تستضيف أنواعًا متعددة من التفاعلات بين البشر والنباتات والحيوانات.
وأوضحت أن موارد التنوع الحيوي هي من ركائز بناء الحضارات. فعالميًا، تُوفر الأسماك 20% من البروتين الحيواني لنحو 3 مليار إنسان. وتُوفر النباتات أكثر من 80% من النظام الغذائي البشري. ويعتمد ما يصل إلى 80% من سكان المناطق الريفية في البلدان النامية على الأدوية النباتية التقليدية للرعاية الصحية الأساسية.
مخاطر ومنافع
وبينت أن فقدان هذا التنوع يُهدد الجميع، بما في ذلك صحتنا. فقد ثبت، وفق بيانات الأمم المتحدة المتخصصة، أن فقدانه قد يُوسّع نطاق الأمراض الحيوانية المنشأ (التي تنتقل من الحيوانات إلى البشر)، بينما إذا ما حافظنا على التنوع الحيوي، فإنه يُوفر أدوات ممتازة لمكافحة الأوبئة مثل تلك التي تُسببها فيروسات كورونا.
وأكدت الورقة أنه مع تزايد الاعتراف بأن التنوع الحيوي ثروة عالمية ذات قيمة هائلة للأجيال القادمة، إلا أن عدد الأنواع يتناقص بشكل كبير بسبب بعض الأنشطة البشرية.
معطيات فلسطينية
ووفق المعطيات، تبلغ مساحة فلسطين التاريخية حوالي 27.027 كيلومترًا، وجغرافياً تقع عند تقاطع أوراسيا وأفريقيا، وبالتالي كانت طريق الهجرات البشرية خارج أفريقيا.
وأكدت الورقة أن فلسطين تستقطب مئات الملايين من الطيور في هجرة سنوية بين القارات. بينما تقع جيولوجياً عند منطقة صدع بين الصفائح التكتونية الأفريقية والعربية ما أدى إلى وجود جبال عالية إلى الغرب من وادي الصدع الكبير الذي يفصل الجبال الفلسطينية عن الأردنية. وفي مناطق الضفة الغربية وغزة توجد المرتفعات الوسطى الممتدة شمالاً (جبال نابلس) وجنوباً (جبال الخليل).
وأوضحت أن سلاسل الجبال المركزية على ارتفاعات تصل إلى 1200 متر. وتتلقى الأجزاء الشرقية من هذه الجبال = أمطارًا أقل وتشمل موائل الطوراني الإيراني بالإضافة إلى موائل الصحراء العربية. تحتوي قمم التلال والمنحدرات الغربية على غابات وشجيرات نموذجية في البحر الأبيض المتوسط والتي تنحدر بعد ذلك إلى الموائل الساحلية.
وتضم فلسطين عدة مناطق جغرافية نباتية: البحر الأبيض المتوسط، والطوراني الإيراني، والتداخل السوداني، والصحراء العربية.
كما تتميز بحكم جغرافيتها وتاريخها الجيولوجي بأنها غنية بالتنوع البيولوجي مقارنة بالدول الواقعة على نفس خط العرض. إذ يوجد في فلسطين التاريخية، وفق بيانات سلطة جودة البيئة حوالي 51,000 نوع حي ويتزايد كل عام. هناك ما يقدر بنحو 30,850 نوعاً حيوانياً في فلسطين التاريخية، وتتألف من أكثر من 2850 نوعاً نباتياً، وما يقدر بنحو 30,000 نوع من اللافقاريات، و551 من الطيور، و297 من الاسماك، و130 حيواناً ثديياً (أكثر من 20 منها منقرضة)، و97 زواحف و8 برمائيات. كما يوجد في فلسطين أكثر من 2000 نوع من النباتات بما في ذلك 54 نباتاً متوطناً لا تتواجد في أي جزء آخر من العالم.
وأكدت أن القائمة المحدّثة حول طيور دولة فلسطين، التي أصدرها مركز التعليم البيئي عام 2022، بيّنت وجود 393 نوعاً من الطيور في المحافظات الشمالية والجنوبية تنتمي إلى 25 رتبة، و71 عائلة، و203 أجناس، وجاءت بعد دراسات استمرت 24 عامًا، والتزمت بالتصنيفات العالمية الجديدة وتحديثاتها.
وذكرت المعطيات بأن المركز المتخصص في مراقبة الطيور وتحجيلها ودراستها يراقب الهجرتين الربيعية والخريفية من خلال 7 محطات في طاليتا قومي ببيت جالا، وهي الرئيسة، إضافة إلى محطة المشروع الإنشائي وامتداد وادي القلط في أريحا والأغوار، والمحطات الموسمية في فقوعة شرق جنين، وداخل مرج ابن عامر، وحرم جامعة خضوري في طولكرم، وعش غراب ببيت ساحور.
تهديدات ودمار
وأوضحت الورقة أن التنوع البيولوجي الغني في فلسطين يواجه عددًا من التهديدات بما في ذلك تغير المناخ، وتدمير الموائل، والتلوث، والاستغلال المفرط، والأنواع الغريبة الغازية، عدا عن الاحتلال وما يتسبب به من تدمير هائل.
وتطرقت إلى ما يجري في غزة والضفة الغربية من تدمير وعدوان واسع النطاق تسبب في حرق وقصف وتجريف الكثير من المناطق وتخريب الموائل الطبيعية كوادي غزة،
ففي غزة وحدها، ألقي 100 ألف طن متفجرات، بحسب تقديرات محلية، وجرى وفق الجهاز المركزي للإحصاء، تدمير أكثر من 68,900 مبنى، وتضرر بشكل كبير حوالي 110 آلاف مبنى، فيما تقدر أعداد الوحدات السكنية التي تم تدميرها، بشكل كلي أو جزئي بما يزيد على 330 ألف وحدة سكنية، وتشكل أكثر من 70% من مباني قطاع غزة، عدا عن تدمير المدارس والجامعات والمستشفيات والمساجد والكنائس والمقرات الحكومية، وآلاف المنشآت الاقتصادية، وتدمير كافة مناحي البنى التحتية من شوارع وخطوط مياه وكهرباء وخطوط الصرف الصحي، وتدمير الأراضي الزراعية، ومحطات التنقية، ليجعل من قطاع غزة مكاناً غير قابل للعيش.
جهود وطنية
وأشار المركز إلى جهوده في حماية التنوع الحيوي، إذ أطلق بالتعاون مع اللجنة الوطنية للاتحاد الدولي لصون الطبيعة، مؤتمر “التنوع الحيوي في فلسطين: التحديات والأولويات والفرص”، في 30 و31 كانون الأول 2024.
وخلُص المؤتمر إلى تبنّي خطة عمل لحماية التنوع الحيوي والتعريف به، سيساهم فيها ممثلو المؤسسات التربوية والجامعات والأطر الرسمية والأهلية التي شاركت في المؤتمر.
ودعا المجتمعون مجلس الوزراء لاعتماد مبادرة راعي المؤتمر المطران د. سني إبراهيم عازر، وبموجبها إعلان 30 كانون الأول من كل عام يومًا للتطوع الفلسطيني، يكرّس لفعاليات خاصة بالتنوع الحيوي والحفاظ عليه وتعزيز الوعي به، وإعادة الروح الغائبة للعمل التطوعي، وإشراك المجتمع المحلي في جهود صون المحميات الطبيعية والمحافظة عليها، والتعريف بها.
كما تبنّى المؤتمر خطة عمل ستنفذّها المؤسسات المشاركة في عام 2025، في مستهلّها حملات غرس أشجار أصيلة تخلّد أطفال غزة الشهداء، وهي المبادرة التي أعلنها المطران عازر في مؤتمر “العدالة البيئية لفلسطين”.
وتضمنّت الخطة إحياء يوم البيئة الفلسطيني بأنشطة تبث الوعي بالتنوع الحيوي، وتتطوع لتنظيف المحميات الطبيعية والحقول وحواف الطرق من النفايات العشوائية، إلى جانب دَور خُطب الجُمعة ومواعظ الأحد في المساهمة في حماية التنوع الحيوي، وتنفيذ مخرجات جلسة الحوار الديني المنعقدة في رام الله، نهاية كانون الأول 2024.
ودعا المشاركون إلى توحيد الجهود وصولًا إلى تنفيذ مسح شامل للتنوع الحيوي، يراعي ترميم ما دُمَّر من موائل بيئية ومحميات في غزة، وليس ببعيد عما يحدث في الضفة الغربية من عدوان على المحميات الطبيعية.
وتبنّى المؤتمر وثيقة لحماية التنوع الحيوي تشمل تعهدات مؤسساتية بحثية وتربوية وقانونية ورسمية وشبابية وإعلامية، فضلاً عن إطلاق مدونة بيئية لترويج المبادرات ودعمها.
وحثّ على الإسراع في تنفيذ مسح شامل لآثار العدوان على غزة والتعدي على المحميات الطبيعة، وإعادة تأهيلها بالتعاون مع المؤسسات الدولية. وبذل الجهود لتكثير وتأهيل وحماية الأصناف الأصيلة والمهددة بالانقراض، وتشجيع المكافحة الحيوية للآفات، والعمل على إطلاق قوائم حمراء للتدخل وحماية الأنواع والبيئات المهددة بالانقراض، وحماية النحل والتوعية بأهميته.
ووجّه المؤتمر دعوة لوزارة الزراعة لتكثير قاعدة الأصناف الأصيلة من الأشجار التي توزعها الوزارة، في حملات تخضير فلسطين، وتوزيع بذور نباتات وأشجار أصيلة على المشاركين في المسارات البيئية وزراعتها ومتابعة ريها التكميلي.
وأطلق دعوة لإيجاد آليات لتنفيذ قانون البيئة وتعديلاته المرتقبة، وإعلان شرطة بيئية منفصلة عن السياحة والآثار